العملات الرقمية: جدل "التحليل والتحريم"
انضم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مؤخرًا إلى عدد من المراجع الفقهية التي تؤكد عدم جواز التداول بعملة البيتكوين والعُمَلاتِ الرقْمِيَّةِ.
لا يشكل النقاش حول حلل أو احرام العملات الرقمية بالنظر إلى الشريعة الإسلامية، موضوعاً جديداً، حيث كانت هذه المسألة مصدراً لخلافات بين المصادر الدينية.
أعلنت أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصري بشكل رسمي خلال عام 2017، أن التعامل مع هذه العملات المشفرة، سواءً كان ببيعها، شرائها، إجارتها وغير ذلك محظور دينياً ولا يجوز شرعاً.
في فتوى صدرت في عام 2021، أعلنت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات عن جواز التجارة بالعملات الرقمية.
في نفس العام، صرح الشيخ عبد المنيع، عضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، خلال مقابلة تلفزيونية بأنَّ استخدام العملات الرقمية محظور شرعًا وتشبه المُقامَرة؛ حيث يتم استنزاف أموالِ المجتمع بطرق غير مشروعة.
أصدرت لجنة الاجتهاد والفتوى التابعة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بياناً يدعو إلى عدم المشاركة في تداول العملات الافتراضية، وذلك قبل أيام ونُشر هذا البيان على الموقع الرسمي للاتحاد.
اعتبرت اللجنة أن العملات المشفرة لا تتوافر فيها سمات العملة المتعارف عليها، حيث إنها غير قابلة للاستخدام كوسيلة احتيالية في التبادل، وغير قابلة لقياس القيم أو تخزين الثروات، ولا يمكن استخدامها كأداء أجر المقبوض عنده في مستقبل محدد.
يجعلها عملة ذات قيمة افتراضية، كما يسهل استخدامها في النشاطات المشبوهة والمظلمة، مثل تجارة المخدرات والإرهاب وغيرها من الجرائم، لذا فإن استخدام العملات الرقمية يعد خطيرًا وغير مستحسن. يتعارض هذا الأمر مع الأهداف الشرعية المتعلقة بالمال.
في بحث منشور في مجلة جامعة الأزهر في غزة، قدم الأكاديميان محمد علوش وهاني عوض تلخيصًا لأسباب تحريم العملات التي ترددت بعض المؤسسات الفقهية بها. وأشاروا إلى أن هذه العملات خطرة وقد يؤدي استخدامها إلى فقدان المال، فضلاً عن أنها لا تتبع مصادر حقيقية ولا تغطى عليها أنظمة مالية رسمية. كما يتغير سعر هذه العملات بشكل يومي، وبالتالي فإن التذبذب في سعر هذه الأصول يزيل التنظيم والثبات في سوق المال.
تعد وجود العملات الرقمية غير المعترف بها بشكل شائع بالنسبة للأشخاص، حيث تُعَدُّ هذه النقود المستخدمة لافتراضية فقط. ويزعم عدد من ائتلافات الشريعة أن استخدامها يشكل تهديداً لسيادة دول صادرة عن دول تحديد السياسات نظير إصلاحها.
يذكر الباحثان في المقابل، رأي بعض العلماء الفقهاء بأن استخدام العملات الرقمية لا يوجد به مانع شرعي، إذ أصبحت هذه العملات نوعاً من المال المشروع في ظل واقع التداول بها في شراء وبيع الخدمات.
ويعتقد بعض الفقهاء مثل قطب سانو أن مفهوم النقود في الشريعة يمكن تطبيقه على العملات المشفرة، نظرًا لأنها وسيلة للتبادل التي يجدها الأشخاص في زماننا، وبالتالي يسمح باستخدامها. كما أن هذه العملات تخضع لجميع الضوابط والشروط التي تتبعها العملات المُستندة إلى المعاملات المالية شرعًا.
يعتقد سانو أن العملات المشفرة حلال ومباح شرعًا، على الرغم من الأنشطة الغير مشروعة مثل القمار والتزوير والتلاعب التي يمكن ان تجرى باستخدامها.
توجد الآن خدمات خاصة بتحليل المخاطر الشرعية لتداول العملات المشفرة المستجدة، وهذا يفوق نطاق الفتاوى والأبحاث الدينية. من بين هذه الخدمات مشروع كريبتو حلال، الذي أسسه أستاذ فقه مقارن فلسطيني اسمه محمد يوسف أبو جزر.
يصدر Crypto Halal يوميًا بيانات عن مشروعية العملات المشفرة الجديدة ومشاريع العقود الذكية للعملات الناشئة قبل أن تتم تداولها عبر قناة المشروع على تطبيق التيليجرام.
تشير بعض التقديرات إلى أن حجم الاقتصاد الذي يعرف باسم الاقتصاد الحلال سوف يبلغ حوالي 3.2 تريليون دولار في عام 2024. هذا يشمل مجالات مثل المأكولات والسياحة الدينية والملابس المحتشمة ومستحضرات التجميل، كذلك يشار إلى عدد كبير من المشروعات المختلفة، مثل عوائد عملات مشفرة، وغيرها من المشاريع التي تُسهِّم في بناءٍ الإنترنت 3 (Web 3).
بدأت مؤسسات دينية في أنحاء العالم بقبول الدفع والتداول بالعملات المشفرة، ومن بين هذه المؤسسات، مسجد شاكل لايت في لندن، حيث يمكن للأشخاص التبرع باستخدام عملتي البيتكوين والإيثيريوم؛ وذلك اعتبارًا من عام 2018.
بدأت بعض المصارف الإسلامية في الإمارات منذ سنوات في قبول التداول بعقود الـبلوك تشين الذكية.
بالرغم من اختلاف الآراء، هناك إجماع بين علماء الفقه على أن استخدام العملات المشفرة يختلف حسب السياق والأغراض وطرق التداول، وقد يتغير رأي الحكومات تجاهها.
تعليقات
إرسال تعليق
إن كان لديكم أي إستفسار لا تترددوا في وضعه في التعليقات و شكرا